عدد الرسائل : 185 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 21/07/2008
موضوع: السيره النبويه 19 الأربعاء أغسطس 06, 2008 5:02 pm
العنـــــوان: المقاطعة العامة
لما وجد المشركون بني هاشم وبني المطلب مصممين على حفظ النبى صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه، اجتمعوا وتحالفوا على بني هاشم وبني المطلب ألا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، ولا يجالسوهم، ولا يخالطوهم، ولا يدخلوا بيوتهم، ولا يكلموهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للقـتل، وكتـبوا بذلك صحيـفـة فيها عهود ومواثيق (ألا يقبلوا من بني هاشم صلحًا أبدًا، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموه للقتل). تم هذا الميثاق وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة، فحبس بنو هاشم وبنو المطلب، مؤمنهم وكافرهم ـ إلا أبا لهب ـ في شعب أبي طالب، ولم يكن المشركون يتركون طعامًا يدخل مكة ولا بيعًا إلا بادروه فاشتروه، حتى بلغهم الجهد، والتجأوا إلى أكل الأوراق والجلود، وحتى كان يسمع من وراء الشعب أصوات نسائهم وصبيانهم من الجوع، وكان لا يصل إليهم شيء إلا سرًا، وكانوا لا يخرجون من الشعب لاشتراء الحوائج إلا في الأشهر الحرم، وكانوا يشترون من العير التي ترد مكة من خارجها، ولكن أهل مكة كانوا يزيدون عليهم في السلعة قيمتها حتى لا يستطيعون شراءها. مر عامان أو ثلاثة أعوام والأمر على ذلك، وفي المحرم سنة عشر من النبوة نقضت الصحيفة وفك الحصار؛ وذلك أن قريشًا كانوا بين راض بهذا الميثاق وكاره له، فسعى في نقض الصحيفة من كان كارهًا لها. وجاء عمه أبو طالب يخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: إن الله تعالى أرسل على الصحيفة الأرضة –وهي دويبة تأكل الخشب- فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم إلا ذكر الله عز وجل، وقال لهم أبو طالب: إن كان كاذبًا خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقًا رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا، فوافقوا، وقاموا إليها فوجدوا الأرضة قد أكلتها إلا (باسمك اللهم)، وما كان فيها من اسم الله فإنها لم تأكله. ثم نقض الصحيفة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب، وبالرغم من هذه الآية الدالة على صدق نبيه التي أراها الله تعالى للمشركين، إلا أنهم أعرضوا عنها وازدادوا كفرًا إلى كفرهم . وبعد ذلك خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشعب، واستمر في دعوته، وقريش وإن كانوا قد تركوا القطيعة، لكنهم لم يزالوا عاملين على شاكلتهم من الضغط على المسلمين والصد عن سبيل الله ، وأما أبو طالب فهو لم يزل يحوط ابن أخيه، لكنه كان قد جاوز الثمانين من سنه، وكانت الآلام والحوادث الضخمة المتوالية منذ سنوات ـ لاسيما حصار الشعب ـ قد وهنت وضعفت مفاصله وكسرت صلبه، فلم يمض على خروجه من الشعب إلا أشهر معدودات، وإذا هو يلاحقه المرض ويلح به، وحينئذ خاف المشركون سوء سمعتهم في العرب إن أتوا بعد وفاته بمنكر على ابن أخيه، فحاولوا مرة أخرى أن يفاوضوا النبي صلى الله عليه وسلم بين يديه، ويعطوا بعض ما لم يرضوا إعطاءه قبل ذلك. فقاموا بوفادة هي آخر وفادتهم إلى أبي طالب.