عدد الرسائل : 12 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 22/07/2008
موضوع: اسباب السعادة2 الأحد يوليو 27, 2008 5:08 pm
أطرد الفراغ بالعمل الفارغون في الحياة هم أهل الأراجيف والشائعات لأن أذهانهم موزعة (( رضوا بأن يكونوا مع الخوالف )). إن أخطر حالات الذهن يوم يفرغ صاحبه من العمل فيبقى كالسيارة المسرعة في انحدار بلا سائق تجنح ذات اليمين وذات الشمال . يوم تجد في حياتك فراغاً فتهيأ حينها للهم والغم والفزع؛ لأن هذا الفراغ يسحب لك كل ملفات الماضي والحاضر والمستقبل من أدراج الحياة فيجعلك في أمر مريج، ونصيحتي لك ولنفسي أن تقوم بأعمال مثمرة بدلاً من هذا الاسترخاء القاتل لأنه وأدٌ خفي، وانتحار بكبسول مسكن . إن الفراغ أشبه بالتعذيب البطيء الذي يمارس في سجون الصين بوضع السجين تحت أنبوب يقطر كل دقيقة قطرة، وفي فترات انتظار هذه القطرات يصاب السجين بالجنون . الراحة غفلة، والفارغ لص محترف، وعقلك هو فريسة ممزقة لهذه الحروب الوهمية . إذاَ قم الآن صل أو اقرأ، أو سبح أو طالع، أو اكتب، أو رتب مكتبتك، أو اصلح بيتك، أو انفع غيرك حتى تقضي على الفراغ وإني لك من الناصحين . اذبح الفراغ بسكين العمل، ويضمن لك أطباء العالم 50% من السعادة مقابل هذا الإجراء الطارئ فحسب، انظر إلى الفلاحين والخبازين والبناءين يغردون بالأناشيد كالعصافير في سعادة وراحة وأنت على فراشك تمسح دموعك وتضطرب كأنك ملدوغ .
قضاء وقدر (( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها )) , جف القلم، رفعت الصحف، قضي الأمر، كتبت المقادير، لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، ما أصابك لم يكن ليخطأك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك . إن هذه العقيدة إذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت البلية عطية، والمحنة منحة، وكل الوقائع جوائز وأوسمة " من يرد الله به خيراً يصب منه " فلا يصيبك قلق من مرض أو موت ابن، أو خسارة مالية، أو احتراق بيت، فإن الباري قد قدر والقضاء قد حل، والاختيار هكذا، والخيرة لله، والأجر حصل والذنب كُفِّرَ . هنيئاً لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذ، المعطي، القابض، الباسط، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون . ولن تهدأ أعصابك وتسكن بلابل نفسك، وتذهب وساوس صدرك حتى تؤمن بالقضاء والقدر، جف القلم بما أنت لاق، فلا تذهب نفسك حسرات، لا تظن أنه كان بوسعك إيقاف الجدار أن ينهار، وحبس الماء أن ينسكب، ومنع الريح أن تهب، وحفظ الزجاج أن ينكسر، هذا ليس بصحيح على رغمي ورغمك، وسوف يقع المقدور، وينفذ القضاء، ويحل المكتوب (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) . استسلم للقدر قبل أن تطوق بجيش السخط والتذمر والعويل، اعترف بالقضاء قبل أن يدهمك سيل الندم، إذاَ فليهدأ بالك إذا فعلت الأسباب، وبذلت الحيل، ثم وقع ما كنت تحذر، فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع، ولا تقل " لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل".
إن مع العسر يسراً يا إنسان بعد الجوع شبع، وبعد الظمأ ري، وبعد السهر نوم، وبعد المرض عافية، سوف يصل الغائب ويهتدي الضال، ويفك العاني، وينقشع الظلام (( فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده )) . بشر الليل بصبح صادق يطارده على رؤوس الجبال، ومسارب الأودية، بشر المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء ولمح البصر، بشر المنكوب بلطف خفي وكف حانية وادعة . إذا رأيت الصحراء تمتد، فاعلم أن ورائها رياضاً خضراء وارفة الظلال . إذا رأيت الحبل يشتد يشتد، فاعلم أنه سوف ينقطع . أحسن كلمة قالها العرب في الجاهلية : الغمرات ثم ينـلجنّه ثم يذهبن ولا يجنّه مع الدمعة بسمة، ومع الخوف أمناً، ومع الفزع سكينة، النار لا تحرق إبراهيم التوحيد؛ لأن الرعاية الربانية فتحت نافذة برداً وسلاماً . البحر لا يغرق كليم الرحمن؛ لأن الصوت القوي الصادق نطق بكلا إن معي ربي سيهدين . المعصوم في الغار بَشَّرَ صاحبه بأنه وحده معنا فـتـنـزل الأمن والفتح والسكينة . إن عبيد ساعدتهم الراهنة وأرقاء ظروفهم القاتمة لا يرون إلا النكد والضيق والتعاسة، لأنهم لا ينظرون إلا إلى جدار الغرفة وباب الدار فحسب . ألا فليمدوا أبصارهم وراء الحجب وليطلقوا أعنة أفكارهم إلى ما وراء الأسوار . إذاَ فلا تضق ذرعاَ فمن المحال دوام الحال، وأفضل العبادة انتظار الفرج، الأيام دول، والدهر قلب، والليالي حبالى، والغيب مستور، والحكيم كل يوم هو في شأن، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ، وإن مع العسر يسراَ .