عدد الرسائل : 12 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 22/07/2008
موضوع: اسباب السعادة3 الأحد يوليو 27, 2008 5:14 pm
أمن يجيب المضطر إذا دعاه من الذي يفزع إليه المكروب، ويستغيث به المنكوب، وتصمد إليه الكائنات وتسأله المخلوقات وتلهج بذكره الألسن، وتألهه القلوب إنه الله لا إله إلا هو . وحق علي وعليك أن ندعوه في الشدة والرخاء، والسراء والضراء، ونفزع إليه في الملمات، ونتوسل إليه في الكربات، وننطرح على عتبات بابه سائلين باكين ضارعين منيـبـيـن، حينها يأتي مدده ويصل عونه ويسرع فرجه، ويحل فتحه (( أمن يجيب المضطر إذا دعاه )) فينجي الغريق ويرد الغائب، ويعافي المبتـلى، وينصر المظلوم، ويهدي الضال، ويشفي المريض، ويفرج عن المكروب (( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين )) . ولن أسرد عليك هنا أدعية إزاحة الهم والغم والحزن والكرب، ولكن أحيلك إلى كتب السنة لتتعلم شريف الخطاب معه فتناجيه وتناديه وتدعوه وترجوه، فإن وجدته وجدت كل شيء، وإن فقدت الإيمان به فقدت كل شيء، إن دعاءك ربك عبادة أخرى، وطاعة عظمى ثانية فوق حصول المطلوب، وإن عبداَ يجيد فن الدعاء حري أن لا يهتم ولا يغتم ولا يقلق، كل الحبال تتصرم إلا حبله، كل الأبواب توصد إلا بابه، وهو قريب سميع مجيب، يجيب المضطر إذا دعاه . يأمرك وأنت الفقير الضعيف المحتاج، وهو الغني القوي الواحد الماجد، بأن تدعوه (( ادعوني أستجب لكم )) . إذا نزلت بك النوازل وألمت بك الخطوب، فالهج بذكره، واهتف باسمه، واطلب مدده واسأله فتحه ونصره، مرغ الجبين لتقديس اسمه، لتحصل على تاج الحرية، وأرغم الأنف في طين عبوديته لتحوز وسام النجاة . مد يديك، أرفع كفيك، أطلق لسانك، أكثر من طلبه، بالغ في سؤاله، ألح عليه، الزم بابه، انتظر لطفه، ترقب فتحه، أشد باسمه، أحسن ظنك فيه، انقطع إليه، تبتل إليه تبتيلاً حتى تسعد وتفلح .
الإيمان هو الحياة الأشقياء بكل معاني الشقاء هم المفلسون من كنوز الإيمان، ومن رصيد اليقين، فهم أبداً في تعاسة وغضب ومهانة وذلة (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا )) . لا يسعد النفس ويزكيها ويهزها ويفرحها ويذهب غمها وهمها وقلقها إلا الإيمان بالله رب العالمين، لا طعم للحياة أصلاً إلا بالإيمان . إذا الإيمان ضاع فلا حياة ولا دنيا لمن لم يحي دينا إن الطريقة المثلى للملاحدة إن لم يؤمنوا أن ينتحروا ليريحوا أنفسهم من هذه الآصار والأغلال والظـلمات والدواهي ، يا لها من حياة تعيسة بلا إيمان، يالها من لعنة أبدية حاقت بالخارجين على منهج الله في الأرض (( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرةٍ ونذرهم في ظغيانهم يعمهون )) وقد آن الآوان للعالم أن يقتنع كل القناعة وأن يؤمن كل الإيمان بأن لا إله إلا الله بعد تجربة طويلة شاقة عبر قرون غابرة توصل بعدها العقل إلى أن الصنم خرافة والكفر لعنة، والإلحاد كذبة، وأن الرسل صادقون، وأن الله حق , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . وبقدر إيمانك قوة وضعفاً، حرارة وبرودة، تكون سعادتك وراحتك وطمأنينتك . (( من عمل صلحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبةً ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )) وهذه الحياة الطيبة هي استقرار نفوسهم لحسن موعد ربهم، وثبات قلوبهم بحب باريهم، وطهارة ضمائرهم من أوضاع الانحراف، وبرود أعصابهم أمام الحوادث، وسكينة قلوبهم عند وقع القضاء ورضاهم في مواطن القدر؛ لأنهم رضوا بالله ربا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا
اقبل الحياة كما هي طبعت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقذاء والأكدار هذا حال الدنيا منغصة اللذات، كثيرة التبعات، جاهمة المحيا، كثيرة التلون، مزجت بالكدر، وخلطت بالنكد، وأنت منها في كبد . ولن تجد ولداً أو زوجة، أو صديقاً، أو نبيلاً، ولا مسكناً ولا وظيفة إلا وفيه ما يكدر وعنده ما يسوء أحياناً، فأطفيء حر شره ببرد خيره، لتنجو رأساً برأس والجروح قصاص . أراد الله لهذه الدنيا أن تكون جامعة لضدين والنوعين والفريقين والرأيين خير وشر، صلاح وفساد، سرور وحزن، ثم يصفو الخير كله والصلاح والسرور في الجنة ويجمع الشر كله والفساد والحزن في النار . وفي الحديث: " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم ومتعلم " فعش واقعك ولا تسرح مع الخيال وحلق في عالم المثاليات، اقبل دنياك كما هي، وطوع نفسك لمعايشتها ومواطنتها، فسوف لا يصفو لك فيها صاحب ولا يكمل لك فيها أمر؛ لأن الصفو والكمال والتمام ليس من شأنها ولا من صفاتها . لن تكمل لك زوجة وفي الحديث " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي آخر" . فينبغي أن نسدد ونقارب ونعفو ونصفح ونأخذ ما تيسر ونذر ما تعسر ونغمض الطرف أحيانا ونسدد الخطى ، ونتغافل عن أمور . ومن لم يصانع في أمور كثيرة يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
هذا الكلام المكتوب لن تستفيد منه حتى تحاول تطبيقه في نفسك وبيتك وعملك وحياتك لتحصل على حياة أجمل بكثير من حياتك التي تعيشها , حياة سعيدة رغيدةً طيبة تصل منها إلى حياة دائمة مطمئنة في جنات النعيم (( ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )) . سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلاٌم على المرسلين والحمد لله رب العالمين